«المشويات».. آخر بقايا السلطنة العثمانية

«المشويات».. آخر بقايا السلطنة العثمانية
الأجواء الربيعية تتحول إلى حفلات شواء في السعودية

«المشويات».. آخر بقايا السلطنة العثمانية Food1.459807

«المشويات».. آخر بقايا السلطنة العثمانية Food2.459807

جدة: أميمة الفردان الشرق الأوسط

مع هبوب النسمات الباردة، يبدأ السعوديون في جدولة مواعيد نزهات
الربيع، التي يلعب بطولتها مُكرهاً «خروف الربيع» ولكونه يمثل
«كبشا» للأجواء المعتدلة، لا يختلف اثنان على نوعه. فالقائمة هذه
المرة محصورة، بين «النعيمي» و«الحري»، إلا أن طقوس شوائه أمرٌ
يحدده المزاج والنكهة، ناهيك عن الطريقة التي يؤكل بها. وهو ما
يجعل من الشواء موضع حفاوة وترحيب من الجميع، حتى لو تحمّل أمر
الطهي كاهل الرجل. ما يُفسر المشهد العام لكل حفلات الشواء، التي
تتوج النساء ملكاتٍ للربيع، في انتظار أطباق المشاوي بنَفس
الأزواج الطهاة.
انطلاق رحلة الشواء محكومة أولا، بمرور الخروف بمرحلة «تعرق»
يُخلى فيها من الشوائب. كما أوضح الشيف سعيد بمطعم يلدزلار
«يتعرق الخروف قبل البدء بالتقطيع، أي انه يتعرض لعملية نزع
العروق والشحم الأبيض ـ عقب الذبح طبعا ـ ثم يقطع لأوصال». ولأن
الشاة لا يُضيرها سلخها بعد ذبحها، فقد جاء أمر توزيع ارث اللحم،
على الأصناف المتعددة، الحافل بها طبق المشويات العربية، أمراً
طبيعياً بدءاً من الأوصال والكباب، التي تُسوى من أفخاذ الخروف.
في حين تقتصر «الموزات» على الأكتاف، أما الريش أو ما تعارف عليه
في منيو المطاعم العربية بـ «الكستليتة»، فلا مفر لظهر الخروف من
ساطور الجزّار؛ إرضاء لعشّاقها.
وفيما يُصدر ساطور الجزّار التركي، حكمه النهائي في خروف الربيع.
يكون معظم السعوديين قد حزموا أمتعتهم، باتجاه البر الفسيح على
صهوة الريح البارد. المحملة بزخات عرق الشواء، حاملين معهم عدته
التي تتأرجح تبعاً للذائقة الشخصية. الأمر الذي وصفه الشيف سعيد
«طعم المشاوي يختلف باختلاف المادة المستخدمة في شواء اللحمة،
سواء كانت الفحم أو الحطب أو الجمر». إلا أن قناعة سعيد الذي
عتقته رائحة الشواء على مدى 28 عاماً، صرف منها 20 عاماً في
القصر الجمهوري في لبنان. جاءت لتؤكد ارتباط الطعم الطيب للمشاوي
بالفحم الجيد، أكثر من غيره من الأدوات المتاحة للشواء، التي
يأتي الحطب على رأسها.
وفي ما يبدو أن العلاقة بين العربي ومشويات الفحم، لا تعدو كونها
موالا عربيا ذا شجون. بدأ التغني به، على أعتاب بوابة آسيا
الصغرى، كما كانت تُسمى زمن السلطنة العثمانية، بإطلاق أسماء مدن
تركية، على ما يقارب الـ 25 صنفاً منها. تباينت بين الكفتة
والكباب، اللتين تقاسمتا اسم أنطاكية،إحدى أهم أُسقفيات الشرق.
إلا أن الكباب كان الأكثر جذباً للتسمية، ما ساهم في تعدد
مذاقاته، باختلاف المدن التي سُمي بها. بدءاً بكباب أضنة التركي،
التي كانت تُعد إمارة لأسرة الزعيم رمضان أوغلو، بالإضافة
للعنتبلي، في حين يتربع الكباب الحلبي على عرش المشاوي، الخارج
من مدينة التراث والقدود الحلبية.
ولمن لا يعرف «طعمة تمه» كما يحكي الشّوام، جاءت أنواع الكباب
دليلاً واضحاً، لاختلاف مذاقات اللحمة تبعاً للتتبيلة. كما أوضح
الشيف سعيد «هناك تقريباً 16 صنفاً من البهار، تدخل في طهي
المشويات، تختلف باختلاف نوع اللحم المشوي، بالإضافة إلى طريقة
الشواء». يأتي ذلك في وقتٍ يبدأ فيه ذواقة يلدزلار بتحسس الطعم،
لكل صنف من تلك الأصناف، بغرض اختبار التتبيلة. ما علق عليه حسين
ترحيني، مدير المطعم بقوله «نحرص في يلدزلار على التنويع في
التتبيلات، وهو الأمر الذي يدعونا على الدوام لاختبارها، من خلال
لجنة الذواقة المؤلفة عادةً من 6 ـ 7 أشخاص، ممن يعرفون طعمة
فمهم».
طعم اللحم المشوي أياً ما تعددت أصنافه، لم يحتكر عالم الشواء،
الذي يُشكل سوقاً دائماً على مدار العام، بعكس شواء الطيور
الأكثر ارتباطاً بأصحاب الذوق الرفيع. ويأتي هذا النوع من
المشويات، متفاوتاً على مستوى الطعم وحسب مزاج الزبائن. وهو
الأمر الذي وصفه سعيد «على الرغم من النكهة التي يعطيها الشواء
على الفحم، إلا أن مذاق لحوم العصافير، تتباين بشكل كبير، وتضفي
مذاقاً إضافياً لمشويات الطيور». وفيما يحتل الدجاج قائمة الطيور
المشوية، الأكثر طلباً. يقتصر طلب طيور السمّان والنعام الأغلى
ثمناً، على ذوي الكعب العالي. في حين يكتفي آخرون بطبق مميز من
دجاج أحلام يلدزلار، أو ربما يسعفهم الحظ بحمام أحلام مطعم
المشويات العربية الشهير. عالم المشويات الذي حملته رياح القوافل
القادمة من تركيا ومعظم بلاد الشام. متوجهة نحو أرض الحرمين، وهو
ما انعكس على رحلات ربيع، باتت نمط حياة عند السعوديين،
والمتمددة في أحيان كثيرة على طول الشواطئ الزرقاء، وفي أخرى
محمولة على أسطح اليخوت الملكية. لم يقف ذلك العالم المدخّن عند
جبال المدن المقدسة ووديانها، بل تسلّلت رائحة دخانه المتصاعد
إلى صحرائها. لتُشكل مع رائحة القهوة العربية، مذاقاً جديداً
لحفلات الشواء العربية.

والله باينتها حاجة حلوة وايد العبو فيها يالسعوديين :rtrrg: :rtrrg: