سؤال الشهداء/ بقلم: جمال زقوت

سؤال الشهداء/ بقلم: جمال زقوت

التاريخ : 23 / 04 / 2008 الساعة : 10:58

ثلاثون عاما طويلة مرت على استشهاده، ولم يتحقق لبشير وكل الشهداء وعد الفرح بعد. ثلاثون عاما حملت لنا أحداث بعضها أحيا لنا الأمل، وكثير منها زرع الغصة في الحلوق ........ تفاؤل بالمستقبل أحيانا، وتشاؤم من الواقع أحيانا أخرى، وكأن إميل حبيبي يظل خالدا في تساؤله.........

ثلاثون عاما حافلة بالأحداث وبعضها بالفظائع ويبقى الأمل والوفاء ديدنا، ويظل الوعد بالفرح شاخصا، وابتسامة الشهداء ودموع الأمهات شاهدا..........

لم تكن معركة الدفاع عن الجنوب التي قدم حياته فيها نحو فلسطين إلا واحدة أعقبتها حرب وانتفاضة وأمل وحزن، وربما فرح قادم بالحياة تصنعه أرواح الشهداء وسواعد صناع المستقبل.
كل واحد من الشهداء كان يقصر بدمائه الطريق نحو حرية الوطن، ويروى شجرة الأمل في الخلاص من عذاب التشرد وظلم الاحتلال، وقدرة على تحويل الحزن إلى وعد قادم بالفرح.
سؤال الحزن والفرح، كان الأشد ألما على مدار العام الماضي، والشهداء يتساءلون، ما الذي يجري؟، أهذا ما دفعنا حياتنا من اجله؟ لماذا أصبح الحزن ثقيلا وماذا حل بوعد الفرح؟!!!!
هربت من سؤال بشير، ولم تتملكني القدرة على الوفاء لذكراه بكلمات يستحقها وكل الشهداء.......

يسألني، لماذا لم تذهب بوردة لضريح أمي في عيدها، وهي التي لم تتأخر بورودها عني؟ وأين عصافير البيارات الجميلة عن سماء غزة؟ ولماذا لا تحوم الآن في سمائها سوى الغربان؟، وهل ستقوى غزة على ترك الغربان تأكل تاريخها بعد إن كانت حارسة الهوية؟!
هدأت روعه، بأن وردة بيضاء زرعت على قبر الوالدة في مقبرة الشيخ رضوان، وأن رسالته قد وصلت لها مع وعد بزيارة أكيدة ربما في العام القادم، وربما بوعد جديد بالفرح.
كان يأمل بالوفاء لزيارتها لضريحه، وهي التي لم تترك سياجات الحدود تعيقها كلما سنحت فرصة لذلك، لتروي ورود مقبرة الشهداء في بيروت، وكثيرا ما كانت تهتدي لضريحه من علامات ضريح رفيقه فايز أبو حميد وسؤالها اليوم؛ هل تُروي مقبرة شهداء بيروت أم جفت الورود؟!!!!!!!!!!
ويكبر سؤال الشهداء....... هل لا زال وعدكم لنا بالفرح؟
ولماذا غابت العصافير وتطاردكم الغربان ويخيم عليكم الحزن الثقيل؟؟
ثلاثون عاما كانت قد مرت على النكبة يوم رحيله، وتتلوها ثلاثين عاما أخرى.........

ومأساة الفلسطينيين تكبر، وستون عاما من المعاناة والتشرد، ولا زالت الذاكرة تتجدد، فهل لا زال هناك وعد بالفرح؟
في كل بيت حكاية، وقصة بطولة لشهيد أو أسير، وفي كل بيت حكاية وقصة ألم لمشرد أو طريد.. والفلسطيني يفاخر بما قدم من بطولة، وينتصر على الألم بالقدرة على الصمود.
إلا ما يجري في غزة........ فقد شوه البطولة، واضعف القدرة على تحمل الألم......... ومقابر الشهداء هناك تئن من سؤال أرواحهم، فعندما يهون الدم، وتختطف الحياة تبهت الهوية، وقد يضيع الوعد بالفرح.
ما الذي تفعله الغربان؟؟ تصرخ أرواح الشهداء من غزة حتى بيروت، لماذا لم تأتوا بالورود ماذا تفعل بكم وبنا الغربان؟؟
ولماذا نقتل مرة ثانية؟ ومن يسرق عصافير أرواحنا؟

لا زال للفرح مكان

قبل أيام أحيت رام الله وأهلها وبلديتها، مئوية تأسيس البلدية، وزين ثوبها في عرس جميل تستحقه، وطرزت النسوة إعلان الحياة رغم رائحة الموت، وقدمت فتياتها وفتيانها رقصات رشيقة في قصرها الجميل، وصدحت موسيقى الهوية مع موسيقى الجاز. فرح الجميع بأن لا زال للفرح مكان، فأسراب السنونو لا زالت تطير فوق بحر غزة، وسماء رام الله صافية لكن أرضها محاصرة بالحواجز والاستيطان والجدران. حضر الجميع لحفل القصر، وحضر أكثر لعرس الشعلة التي لن تنطفئ، فالمدينة تعزف لحن المقاومة بالحياة والفرح، وتطرز ثوب شقيقتها الكبرى زهرة المدائن، لعرس الثقافة والأصالة والتاريخ والحاضر والمستقبل، وتتزين النسوة لحراسة أثواب تسرق، وتفتح أبواب الأمل لتهدم جدران الموت... وتتواصل رواية الحياة لتضع حدا لثقافة الموت.
كيف لنا أن نوقف القتل.. إن لم نصنع الحياة.
ربما هذا وفاؤنا بل وجوابنا للشهداء...... رسالة الحياة رغم الحزن والموت.
فأيام الحزن كثر. وعلينا أن نجعل أيام الفرح أكثر.

حنا محتلين وراح نبقا كذا الا ماشاء الله